العام المتمم

استعرضنا الأسبوع الماضي أهم الأحداث التي شهدناها خلال العام ذو ال366 يوما، و الذي نطلق عليه لذلك العام الكبيس. وذلك استعدادا لوداعه واستقبال عاما جديدا عاديا من ذوي ال365 يوم، و هو عام 2025. لكن بعيدا عن عدد أيام السنة و مسمياتها، فعام 2025 لا يمكن أن يعتبر عاما عاديا على الاطلاق. فهو العام المتمم للربع الأول من القرن الواحد والعشرون. و عادة ما تشكل أحداث الربع الأول من القرن ملامح الثلاثة أرباع التالية له. فعلى سبيل المثال، شهد الربع الأول من القرن العشرين نجاح الأخوين "رايت" في الطيران عام 1903، معلنا بداية العصر الذهبي للطيران والسفر. وشهد أيضًا الحرب العالمية الأولى وتوقيع معاهدة "فرساي" وبزوغ نجم "هتلر"، وهو ما مهد الطريق لما تلى ذلك من أحداث جسام شهدها القرن العشرين من حرب عالمية ثانيه و ما تلاها من إعاده ترتيب لموازين القوى في العالم.  ثم نأتي إلى الربع الأول من القرن الواحد والعشرون الذي سيتممه عام 2025. فقد شهدنا في الربع الاول منه و تحديدا 11 سبتمبر سنة 2001 الهجمات الارهابية على أمريكا و الذي تغيرت بسببه خريطة الشرق الأوسط. وشهدنا تقديم "فيس بوك" لأول مره سنة 2004 , ثم تقديم أول "أي فون" من شركة "أبل" سنة 2007 ليغيرا معا شكل التواصل والحياة رقميا وفعليا. كما شهدنا وصول أول امريكي من أصول افريقية سدة الحكم في امريكا (باراك أوباما) عام 2008. و شهدنا في عام 2010 بزوغ نجم الصين كثاني أقوى إقتصاد في العالم. و شهدنا فوز أحد برامج الذكاء الإصطناعي على بطل العالم في الشطرنج عام 2016. و شهدنا إنطلاق البرامج السياحية إلى الفضاء عام 2021 . إذن، فما الذي يتوقع أن نشهده في العام المتمم للربع الأول من القرن الواحد والعشرين؟

من المتوقع أن يشهد 2025 نموا في الإقتصاد العالمي في حدود ال3,2% ليصل حجمه إلى 100 تريليون دولار. و هو الإقتصاد الذي سيواجه تحدي حروبا تجارية متعددة، و لعل أشرسها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي يتوقع أن تزداد شراسة مع تولي "ترامب" الحكم في أمريكا و تطبيق سياساته الحمائية ضد الصين.  كما سيواجه الاقتصاد العالمي في قطاع الطاقة تحديات كبيرة في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، و هي الحرب الأشد تأثيرا على سوق الغذاء العالمي. ناهيك عن تأثر قطاع الزراعة بالتغيرات المناخية، حيث اصبحت تكلفتها و أثرها الاقتصادي لا يقل أهميه عن أثرها البيئي. وهو الامر الذي قد يجبر المشاركين في مؤتمر قمة المناخ (COP30)، المقرر انعقاده في نوفمبر القادم في البرازيل، على الوصول لحلول أكثر جدية لمواجهة تلك المشكلات.  ولعل ما يبعث على التفاؤل توقع أن تبلغ حصة الطاقة المتجددة (النظيفة) 30% من إجمالي حجم الطاقة العالمية المستخدمة في 2025. أما تكنولوجيا، فمن المتوقع ان يسهم الذكاء الإصطناعي بنسبة 1,2% من نمو الاقتصاد العالمي ليتحول إلى مغير رئيسي في قواعد اللعبة (game changer) في كل الصناعات وقطاعات الاقتصاد بلا استثناء. وعلى ذكر التكنولوجيا، يحبس أكثر من 170 مليون أمريكي من المنتمين إلى الجيل "زد" (GEN Z) أنفاسهم مع اقتراب يوم 19 يناير، وهو التاريخ المحدد لمنع تطبيق تيك توك الصيني من العمل داخل الولايات المتحدة. وإن كان لديهم بصيص من الامل في ان يتدخل "ترامب" في وقف هذا القرار، لما لهذا التطبيق الفضل في النشر غير المسبوق لمقاطع الفيديو الخاصة به. أما امثالي من الجيل "اكس" (GEN X) فلنا الله، حيث نعاني من حبس الأنفاس والدماء ربما لأسباب أقل تكنولوجيا.  كل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة.