باريس 2024

اتجهت الأنظار خلال الأسبوعين الماضيين إلى العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة تطورات ونتائج الانتخابات التشريعية التي ُمني فيها تحالف الرئيس ماكرون بهزيمة مدوية، والتي تقدم على أثرها رئيس وزرائه باستقالته. وخلال أيام أيضا وتحديدًا يوم الجمعة القادم، تتجه الأنظار مره أخرى إلى باريس ولكن لمتابعة الحدث الرياضي الاهم والأبرز عالميا، وهو دورة الألعاب الأولمبية التي تقام للمرة الثالثة في باريس في الفترة من 26 يوليو حتى 11 أغسطس.  فقد استضافت باريس دورة الألعاب الأولمبية من قبل عامي 1900 و1924، وتعد تلك الدورة الأكثر مساواة بين الجنسين مقارنة بالدورات السابقة.   فاليوم، يتساوى عدد الرياضيين المشاركين من الجنسين بعد رحلة طويلة منذ بدأت أول مشاركة نسائية عام 1900.  ففي ذاك العام   كانت نسبة عدد المشاركات 2,2% ثم ارتفعت إلى 25% عام 1988 في دورة سيول، ثم وصلت إلى 47,8% عام 2020 في طوكيو.  وهي أيضا الدورة الأولمبية الأكثر حفاظا على البيئة، حيث ستوفر 13000 طن من الانبعاثات الكربونية وهو ما يعادل نصف الانبعاثات الكربونية لدورة ريودي جانيرو ولندن. وذلك لإقامة 95% من فعاليات الدورة في مباني مقامة بالفعل بدلا من إنشاء مباني جديدة، ولاستخدام الوقود الحيوي في الإنارة.

من المقرر أن يشارك  في أولمبياد باريس هذا العام 10500 رياضي من 206 دولة، بالإضافة إلى منتخب اللاجئين الذي يضم 36 رياضي من 11 دولة تحت علم اللجنة الأولمبية، ليتنافسوا على 329 ميدالية ذهبية في 32 لعبة. ومن المتوقع أن يتابع الدورة الأولمبية مليار مشاهد من خلال 350 ألف ساعة من البث التلفزيوني، والذي اشترت حقوقه شركة “NBC” بقيمة 7,5 مليار دولار حتى دورة عام 2032. وسوف تغطي مراسم الافتتاح وحده أكثر من ألف كاميرا، و20 ألف اعلامي. بينما يتوقع أن تستقبل المدينة 11,3 مليون زائر   لمتابعة هذا الحدث خصيصا، منهم 1,5 مليون من خارج القارة الأوروبية، يحرسهم 45 ألف فرد أمن ويساعدهم تنظيميا 45 ألف متطوع.  ولم لا؟ إذا كان استضافة اللاعبين فقط يتطلب إعداد 600 ألف وجبة يوميا في القرية الاولمبية. لذا، تقدر فرص العمل التي وفرتها فرنسا بسبب استعداداتها واستضافتها لهذه الدورة 109 ألف وظيفة، ويتوقع المتشائمون أن يحقق تنظيمها إيرادات تقدر بـ7,3 مليار دولار بينما يتوقع المتفائلون أن يصل الرقم إلى 12,1 مليار دولار. أما التكلفة فيتوقع ان تبلغ 4,7 مليار دولار، يتحمل القطاع الخاص 96% منها.

أما عن مصر، فقد كانت أول مشاركاتها في الدورات الأولمبية عام 1912 في مدينة ستوكهولم، واستمرت مشاركاتها حتى هذه الدورة باستثناء ثلاث دورات أعوام 1932, 1956, 1980. وقد بلغت حصيلة الميداليات التي فازت بها مصر على مدار تاريخ مشاركاتها الطويل 38 ميدالية، بينما حصل لاعب واحد لأمريكا وهو "مايكل فيليبس" على 28 ميدالية. وهو الأمر الذي يستدعي التأمل وإعادة النظر في منظومة الرياضة لدينا بكل مكوناتها والقائمين عليها بأسلوب أكثر جدية واحترافيه مما شهدناه من تعامل محدود مع بعض الأمور التي تطفو على السطح و تستفز الرأي العام بين الحين و الاخر، وهو ما شهدناه مؤخرًا.

تحية لكل أبنائنا المشاركين في تلك الدورة لكل ما استطاعوا تحقيقه رغم ما يواجهونه من تحديات وقلة امكانيات، وكل الأمنيات لهم بالتوفيق.